من أهم أسباب الرقي الحضاري ومقومات النهضة الحقيقية: التمسك بالأخلاق الفاضلة، سواء على المستوى الفردي أو الأسري أو الاجتماعي أو الوطني أو الإنساني، فهي ركيزة أساسية في تهذيب السلوك الإنساني وتنظيم العلاقات على أسس قويمة من السمو الروحي والمعاملة الجميلة، وعنصر فعال في شيوع المحبة والألفة والتماسك والترابط في المجتمع، أفراداً وأسراً وشعباً وقيادة، ومنبع رئيس للتعايش السلمي البناء مع الأمم الأخرى.
ولذلك تضافرت النصوص الشرعية في الحث على حسن الخلق والتأكيد عليه. يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن»، وقال الله سبحانه مادحاً نبيه الكريم: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
ومما تتأكد العناية به أيضاً:إظهار صورة الإسلام المشرقة مع غير المسلمين في المعاملة الجميلة، فقد ورث المسلمون من تعاليم دينهم وأخذوا من سير أسلافهم منظومة أخلاقية عالية فريدة، أبهرت القلوب التائهة وخلبت النفوس الحائرة حتى اهتدت بها إلى عظمة هذا الدين الحنيف وسمو الحضارة الإسلامية ورقيها، فكم من أناس أكنوا للإسلام وأهله العداوة الشديدة، ثم انزاحت عن أعينهم الغشاوة لما عاينوا التعاليم الإسلامية السامية بصدق وتجرد، وكم فتح الله من قلوب على يد المسلمين الأوائل العظماء النبلاء بأخلاقهم الرفيعة، فكانت أخلاقهم رسالة ماثلة ومشاعل مضيئة للبشرية.
فما أحوجنا اليوم إلى أن نتمسك بأخلاقنا ونعتز بها، لنستظل بها في وافر المحبة والإخاء والترابط، ولنظهر بها للأمم الأخرى عظمة هذا الدين وجلاله وبهاءه.